العطاء التعاوني

تم تجميع من مصادر متنوعة العوامل الدافعة التي تقف وراء العطاء التعاوني الناجح والفوائد والعقبات المرتبطة به.

Shutterstock 2237569383

نبذة

تشرح هذه الصفحة التي تم تجميعها من مصادر متنوعة العوامل الدافعة التي تقف وراء العطاء التعاوني والفوائد والعقبات المرتبطة به. كما تهدف الصفحة إلى تقديم نظرة شاملة حول هذه الممارسة التي تتزايد شهرتها يوماً بعد يوم وتتضمن روابط لقوائم مراجعة ومجموعة أدوات يمكنك تنزيلها والاستعانة بها في تشكيل مبادراتك التعاونية وتوجيهها.

على الرغم من أن العطاء الجماعي لا يعد مفهوماً جديداً، إلا أن أعداد ما يسمى تحالفات التعاون في العمل الخيري قد ازادت في السنوات الأخيرة في الوقت الذي يسعى فيه المانحون على نحو متزايد إلى تجميع الموارد من أجل توسيع نطاق الأثر الذي تحققه نشاطاتهم الخيرية.

وتتنوع وسائل التعاون هذه، بدءً من دوائر العطاء غير الرسمية التي يشارك فيها أفراد العائلة والأصدقاء والأقران لدعم المبادرات المحلية، إلى الصناديق المبتكرة الأكثر طموحاً التي تستهدف التصدي للتحديات العالمية مثل قضايا المناخ

وفي حال تم القيام بالعمل الخيري التعاوني على نحو جيد، فإنه يسمح للممولين بالاستفادة من المهارات والخبرات المتنوعة وتوسيع دوائر نفوذهم والأثر الذي يمكنهم تحقيقه. بالمثل، يمكن أن يؤدي تجميع الموارد إلى تقليل النفقات العامة والحد من ازدواجية الجهود.

لكن تجميع الجهود والأموال للعطاء ليس بالأمر السهل؛ فتحالفات التعاون السيئة التخطيط والتي لا تتبنى أهدافاً واضحة ومحددة زمنياً أو أنظمة إدارة قوية أو استراتيجيات خروج ثابتة يكون مآلها الفشل.

كما أن العطاء كمجموعة يتطلب توافقاً في الآراء، ويمكن أن يكون إنشاء الهياكل القانونية التي تنظم الأعمال الخيرية التعاونية أمراً معقداً - ومكلفاً - نظراً لاشتراك العديد من أصحاب المصلحة.

ومن البدائل لإنشاء دائرة للعطاء أو الانضمام إلى واحدة منها مجرد التبرع لإحداها. فبعض الصناديق يقبل تقديم تبرعات صغيرة وبعضها الآخر يتطلب تبرعات أكبر، كما تختلف معايير العضوية لكل شكل من أشكال التعاون.

 

العمل سوياً: أمثلة على التعاون في العمل الخيري

تتخذ تحالفات التعاون في العمل الخيري أشكالاً مختلفة، إذ يمكن أن تكون كيانات منفردة مشتركة التمويل مثل ’صندوق إنهاء الأمراض المهملة‘ End Fund، الذي أسسته شركة ’ليغاتوم‘Legatum ، لتجميع الموارد من أجل مكافحة أمراض المناطق المدارية المهملة. ويمكن أن تكون أيضاً مبادرات لتجميع الأموال، مثل ’المشروع الجريء‘ Audacious Project التابع لمنظمة ’تيد‘ TED، الذي يوفر التمويل لأصحاب المشاريع الاجتماعية المبتكرة أو منظمة ’ليفرير فور تشينج‘Lever for  Change  التابعة لمؤسسة ’ماكارثر الخيرية‘ MacArthur Foundation، والتي تساعد على تحفيز مطابقة التمويل مع المنظمات المختلفة.

ومن الأمثلة الأخرى على تحالفات التعاون في العمل الخيري منظمة ’كو-إمباكت‘ Co-Impact التي تجمع الأموال لصالح المشاريع التعليمية والصحية والاقتصادية في أفريقيا وجنوب آسيا وأمريكا اللاتينية. وفي العادة يستثمر الشركاء الأساسيون، كرواد العطاء من الأفراد، والمؤسسات الخيرية، والجهات الثنائية أو المتعددة الأطراف، مبلغ 50 مليون دولار على مدى 10 أعوام، ومن ثم ينضم إليهم ممولون آخرون يلتزمون بتقديم 500,000 دولار على مدى ثلاث سنوات. ويتم بعد ذلك تجميع هذه الموارد لتمويل المنح المتفاوتة الحجم، والتي قد يصل قيمة بعضها إلى 25 مليون دولار، من أجل دعم المبادرات التي تهدف إلى إحداث التغيير.

وفي وقت سابق من هذا العام، أطلقت ’كو-إمباكت‘ صندوق النوع الاجتماعي بقيمة مليار دولار لتوفير الأموال للمنظمات غير الحكومية التي تركز على النساء في جنوب الكرة الأرضية بهدف النهوض بالمساواة بين الجنسين وتعزيز وصول النساء إلى مراكز القيادة وتصحيح المعايير الثقافية المجحفة بحقهن. ومن بين المانحين الأوليين للصندوق ميليندا فرينش غيتس، وماكينزي سكوت، وروشني نادر مالهوترا ومؤسسة شيف نادر الخيرية وتسيتسي ماسييوا، رائدة العطاء والمشاريع الاجتماعية من زيمبابوي

وفي الهند، تم في أواخر عام 2021 إطلاق ’صندوق غرو‘ GROW Fund للاستجابة لتداعيات جائحة كوفيد-19. ويهدف الصندوق الذي تدعمه مؤسسة ’إيدل غيف‘ EdelGive إلى دعم أكثر من 100 منظمة شعبية على مدار عامين من خلال توفير التمويل لبناء القدرات وتعزير المهام التنظيمية الرئيسية. وقد تعهد عدد من المؤسسات الخيرية الرائدة بتقديم دعمهم للمبادرة، بما في ذلك مؤسسة بيل وميليندا غيتس، و’مانان ترست‘، ومؤسسة روهيني نايلكاني الخيرية، ومؤسسة إيه تي إي تشاندرا، وأشيش كاتشوليا.

وفي مكان قريب في المنطقة العربية، تم إطلاق ’صندوق بلوغ الميل الأخير‘ The Reaching the Last Mile في عام 2017 من قبل الشيخ محمد بن زايد - الذي كان في ذلك الوقت ولي عهد أبوظبي - وبدعم من مؤسسة بيل وميليندا غيتس و’مؤسسة إلما الخيرية‘ The ELMA Philanthropies. وتتمثل مهمة ’صندوق بلوغ الميل الأخير‘ في جمع 100 مليون دولار على مدى 10 سنوات لدعم القضاء على اثنين من الأمراض الاستوائية المهملة وهما العمى النهري وداء الفيلاريات اللمفاوية. وفضلاً الهبات التأسيسية التي حصل عليها الصندوق، يقوم أيضاً بجمع الأموال من الجمهور من خلال حملات المستهلكين والشركات المانحة في الإمارات العربية المتحدة. انظر أدناه للمزيد من الأمثلة على العطاء التعاوني.

وفي المنطقة، هناك مثالين للعطاء التعاوني، وهما صندوق الشفاء ومؤسسة الفنار. تم إطلاق الأول في عام 2013 من قبل مجموعة من المتبرعين المقيمين في المملكة العربية السعودية بدعم من مؤسسة بيل وميليندا غيتس، ويركز على القضاء على شلل الأطفال، وصحة الأمومة، وتقديم المساعدات الطارئة، ومكافحة الملاريا.

أما مؤسسة الفنار، فهي أول صندوق للعمل الخيري الاستثماري في الشرق الأوسط. تأسست في عام 2004 من قبل المصرفي الاستثماري طارق بن حليم، الذي ينحدر من أصول فلسطينية وليبية ويقيم في لندن، وتقوم الفنار بجمع الأموال لصالح المؤسسات الاجتماعية الواعدة في مرحلة النمو. واليوم، تدعم الفنار الشركات الاجتماعية في مصر ولبنان والأردن وفلسطين وتعمل في مجموعة من المجالات، كالتعليم وتوظيف الشباب، والتمكين الاقتصادي للنساء.

التعاون لحشد الأموال والجهود

"بينما يستمر مشهد العمل الخيري في النمو والتوسع، أصبح من الواضح أكثر فأكثر أن مستقبل التغيير المنهجي ... لا يتطلب فقط مصادر تمويل أكثر اتساعاً، بل المزيد من الإرادة والخبرة المشتركة كذلك"، كما جاء في دليل العطاء التعاوني الذي وضعته ’منظمة روكفلر للاستشارات الخيرية‘Rockefeller Philanthropy Advisors.  ويضيف الدليل "إذا كانت رؤيتك الخيرية تتضمن حقاً مواصلة إحداث الأثر في القضايا الكبيرة، فإن الأمر يستحق استكشاف إمكانية إشراك أشخاص آخرين معك في هذه الرحلة ".

ويعد هذا الدليل نقطة انطلاق جيدة لفهم الإمكانات (والمخاطر المحتملة) للعطاء الجماعي. وفضلاً عن إبراز أهمية تحالفات التعاون، يوضح الدليل نماذجها المختلفة، من الصناديق المشتركة إلى مبادرات تجميع رؤوس الأموال وتقدم أسئلة يمكن لأعضاء المجموعات طرحها على أنفسهم قبل الدخول في تحالف تعاوني.

وتشمل هذه الأسئلة:

  • لماذا نود الانخراط في العطاء؟ ما الأثر الذي نود نحدثه؟
  • كيف سنحقق الأثر الذي قمنا بتحديده؟
  • ما الذي يرغب (ويتوقع) من كل شريك الاستثمار به - ليس الأموال فحسب بل الوقت والجهد كذلك؟
  • متى نريد رؤية النتائج المرجوة؟
  • لماذا نعتبر أنفسنا الفريق المناسب لمجال التركيز المشترك؟
  • هل نحتاج إلى التعاون من أجل الوصول إلى أهدافنا؟

إليك أربعة أسباب قد تجعل الممولين يرغبون في الاستثمار بجزء من أموالهم الخيرية في جهود العطاء التعاوني:

  1. فرص للتعلم بالنسبة للمانحين. إذا كنت شخصاً حديث العهد في مجال العمل الخيري، فإن الانضمام إلى إحدى تحالفات التعاون يمكن أن يوفر لك الفرصة للاستفادة من الحكمة والخبرات التي يمكن الاسترشاد بها في استراتيجيات وممارسات العطاء الخاصة بك في المستقبل. كما يمكن للمانحين ذوي الخبرة أيضاً الاستفادة من مهارات أقرانهم وخبراتهم.
  2. إدارة أفضل للمخاطر. من خلال الاستفادة من الحكمة التي يتمتع بها المانحون الآخرون والشبكة الأوسع نطاقاً من المستشارين والموارد المشتركة الأخرى، فإنه يمكن للتعاون أن يخفف من مخاطر الاضطلاع بعمل جديد بنفسك أو تكرار الجهود في الوقت لا تزال فيه في مرحلة التعلُّم واكتساب الخبرات عن قطاع ما أو قضية معينة.
  3. أثر مضاعف. عندما تقوم بتجميع الأموال من أجل تقديم هبات أكبر أحجماً أو أطول أمداً، فإنك تعفي الجهات المتلقية للمنح من مهام إعداد التقارير المبالغ بها؛ كما أنك تمنحها أيضاً شعوراً بالأمان لمعرفتها بأن رؤاها الكبيرة ستكون مدعومة بتدفق أكبر للأموال، الأمر الذي سيساعدها على تطوير مبادراتها دون التعرض لحالة من عدم اليقين الناتجة عن التقدم باستمرار للحصول على تمويل أصغر حجماً وأقصر أمداً.
  4. التركيز على عمليات صنع القرار. عندما تتعاون مع الآخرين، فإن تفاعلك معهم يكون حافزاً لاتخاذ قرارات مدروسة (والتي من دونها قد تواجه مشاكل وعقبات). فعندما تعمل بمفردك، ربما تكون أكثر ميلاً للعطاء من دون تبني استراتيجية شاملة أو قاعدة لعملية اتخاذ القرار. أما العمل مع الآخرين من أجل وضع إجراءات ما قد تساعدك على تجنب هذا الأمر، مع الشعور بالرضا حيال استراتيجية العطاء المتكاملة التي تتوافق مع قيمك الشخصية وقيم المجموعة.

كما أن دليل منظمة روكفلر صريح بشأن الصعوبات المحتملة التي ينطوي عليها العمل الخيري التعاوني ويحدد طرقاً لتنظيم وسائل العطاء الجماعي من أجل تفادي المشكلات الطويلة الأجل التي قد تنشأ، إذ جاء فيه: "إذا كان حل المشكلات سوياً يعتبر أمراً سهلاً، فإن أي شخص يتمتع برؤية واسعة، سيكون قادراً على حلها". ويضيف الدليل: "[لذلك] من الأهمية بمكان فهم تحديات العمل مع الآخرين للوصول إلى أهداف خيرية كبيرة؛ فالإخفاق في الاستعداد لهذه التحديات قد أفشل الكثير من فرص التعاون الواعدة".

ويقدم الدليل كذلك لمحة عن العديد من تحالفات التعاون الرائدة على الصعيد العالمي. وتشمل هذه التحالفات: ’صندوق إنهاء الأمراض المهملة‘ The End Fund، وهو صندوق مشترك يهدف إلى القضاء على الأمراض المدارية المهملة في سبعة دول في أفريقيا والشرق الأوسط؛ و Kiva.org ، وهي منظمة غير ربحية تقوم بتجميع الأموال من الجمهور من خلال التعهيد الجماعي من أجل توفير الائتمان للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة في الاقتصادات النامية؛ وBig Bang Philanthropy، وهي مجموعة من الجهات المانحة من القطاع الخاص والشركات التي تموّل حلول الفقر القابلة للتوسع والتي تترك أثراً في جميع أنحاء أفريقيا وآسيا.

يمكنك تحميل خريطة الطريق الكاملة هنا.

تجنب العثرات عند التعاون

وضع إجراءات الإدارة في وقت مبكر. يتطلب التعاون تنازلات وتبني حلول وسط. يمكن أن يجنب ذلك المآزق قبل حدوثها، لاسيما بالنسبة للمانحين الذين اعتادوا أن يملوا تماماً كيفية إنفاق كل دولار. يمكنكم العمل معاً لتنظيم عمليات صنع القرار والإدارة، ولكن سيتعين على كل شخص في المجموعة التخلي عن السيطرة في مرحلة ما - إما للمجموعة ككل أو لأحد الأشخاص فيها.

تحديد القيم المشتركة والاتفاق عليها. في الوقت الذي تستكشفون فيه معاً فرص التمويل، عليكم أن تحديد إلى إين تريدون الوصول؟ ما هي المسائل غير القابلة للتفاوض بالنسبة لكم؟ وبماذا ستسترشدون عندما تكون القرارات صعبة، أو عندما تبدو الفرص غير واضحة. ومن شأن تخصيص الوقت لبحث هذه الأسئلة - وتدوينها - أن يجعل شراكتكم أسهل كثيراً لاسيما عندما لا يتسم الطريق أمامكم بالوضوح.

إيجاد التوافق في قياسات الأثر. بمجرد أن تقوموا بتحديد الأثر الذي تسعون إلى تحقيقه، عرفوا الإنجازات البارزة التي ستحدد مفهوم النجاح بالنسبة لكم. ما هي الأهداف التي ستضعونها على امتداد تعاونكم؟ ومتى تنوون الوصول إليها؟

اتخاذ قرار حول كيفية جذب شركاء جدد ومتى يتم ذلك. أثناء تخطيطكم لبنية التعاون الخاص بكم وطرائق عمله، عليكم التفكير في كيفية إشراك لاعبين جدد؟ قد يكون العثور على ممولين آخرين لديهم أهداف مماثلة أسهل من العثور على ممولين ملائمين أيضاً للإدارة وقياسات الأثر التي اتفقتم عليها.

الاتفاق على أفق زمني منطقي للأعضاء في ضوء أهدافكم. بالإضافة إلى مناقشة الأطر الزمنية المتوقعة لمشاركة كل شريك، من الأهمية بمكان أيضاً تحديد المدة التي سيستغرقها تعاونكم. هل هدفكم مثلاً هو تقديم تحسينات ملموسة في مجال تأثير محدد على مدى السنوات الخمس المقبلة؟ هل ترغبون التركيز لمدة ثلاث سنوات على تثبيت فكرة معينة متعلقة بنهج جديد لتقديم المنح؟ هل لديكم خطة تمويل لمدة 20 عاماً؟ ووفقاً لأهدافكم إلى جانب قدرات الشركاء المعنيين، يمكنكم تحديد الجدول الزمني المناسب لجهودكم.

اتخاذ قرار حول من سيحصل على الثناء والتقدير، وكيف يتم ذلك. من المهم أن يحصل كل عضو من أعضاء المجموعة على مستوى أو نوع متفق عليه من الثناء والتقدير لقاء النجاح الذي يتم تحقيقه، على الرغم من أن الأعضاء ربما يقدمون موارد مختلفة على مختلف المستويات؟ هل يرغب أي شخص أو يتعين عليه عدم الكشف عن هويته؟ هل هناك متحدث باسم المتعاونين؟ من المهم تحديد الطريقة التي ستتحدثون بها عن أنفسكم، وكيف ستقبلون بلباقة ورحابة صدر أي نجاح قد تحققونه.

المصدر: دليل العطاء التعاوني الصادر عن منظمة روكفلر للاستشارات الخيرية.

تحقيق الإمكانات: إنجاح التعاون

نشرت ’بريدجسبان‘ Bridgespan، وهي منظمة استشارية غير ربحية، مجموعة من الأوراق البحثية المفيدة حول العمل الخيري التعاوني. على سبيل المثال، يبحث تقرير إطلاق إمكانات التعاون الخيري الصادر عن المنظمة في 2021 الشعبية المتزايدة لتحالفات التعاون ويسلط الضوء على بعض التحديات المتعلقة بالعطاء الجماعي. ويتحدث التقرير أيضاً عن تكييف أساليب التفكير للمساعدة في إنجاح النُهج التعاونية ويشجع المانحين الذين يفكرون في الانخراط في جهود تعاونية على طرح الأسئلة الثلاثة التالية:

ما هو الهدف الذي يسعى التعاون لتحقيقه؟ قم بتحديد الأثر الاجتماعي الذي تسعى الأموال لتحقيقه والأساس المنطقي والاستراتيجية التي يتبناها التعاون لتحقيق هذا التأثير، وكيف يقيس التقدم الذي يحرزه (وتطويع العمل حسب الضرورة).

كيف يعمل التعاون مع المانحين؟ ما هي حقوق اتخاذ القرار التي يتمتع بها المموّلون فيما يتعلق بالاستراتيجية وتقديم المنح؟ ما المبلغ الذي يتوقع من الممولين المساهمة به؟ وما أشكال التواصل مع المانحين والتعلم والمشاركة والتفاعل التي يقدمها التعاون؟

كيف تشغيل الكيان التعاوني وإدارته؟ من هم الأشخاص الذين يتولون القيادة ومن هم الموظفون؟ كيف يجذبون الجهات المتلقية للمنح ويدعمونها؟ هل يتمتع القادة بالخبرة في القضايا قيد النظر، وهل يتمتعون - من الناحية المثالية - بخبرة شخصية بهذه القضايا؟ انظر أيضاً في ما إذا كان الكيان التعاوني يطلب آراء ووجهات نظر من أولئك الذين يسعى إلى دعمهم.

وأفاد تقرير ’بريدجسبان‘ الذي صدر عام 2019 تحت عنوان قيمة التعاون في العمل الخيري والذي استند إلى دراسة استقصائية شملت الممولين والجهات المستفيدة من المنح المشاركين في تحالفات تعاونية أن المانحين وجدوا أن "الخبرات الميدانية العميقة أدت إلى استثمارات أكثر استراتيجية ووعياً وفعالية". وأما المستفيدون من المنح الذين قابلتهم ’بريدجسبان‘ فأفادوا أن فوائد المشاركة في تحالف تعاوني تفوق التكلفة، لكنهم طالبوا الممولين بتبسيط عملية إعداد التقارير ، ودعم المستفيدين من المنح بشكل أكثر فعالية، وتسهيل استقاء المزيد من آراء الجهات المتلقية للمنح في عملية وضع الاستراتيجيات وتنفيذها.

ثلاثة فوائد مرتبطة بالعطاء الجماعي

يمكن لتحالفات التعاون في العمل الخيري أن تساعد في الاستفادة من المهارات والخبرات المتنوعة للشركاء المختلفين وأن تزيد من كفاءة أصحاب المصلحة. فهذه التحالفات تستفيد من مهارات شتى لكنها تكمل بعضها البعض، فضلاً عن تدفقات التمويل من مجموعة متنوعة من الجهات الفاعلة. وهناك فائدة ذات وجهين لتنشيط المهارات والخبرات الأساسية للشركاء: يساعد التعاون على تعزيز كفاءة أصحاب المصلحة كل على حدة، ويمكن أن يقلل بشكل كبير من تكاليف التشغيل. ويستدعي التغلب على التعقيدات في أغلب الأحيان من أصحاب المصلحة التفكير والعمل بصورة شمولية. تأمل على سبيل المثال في التحدي المتمثل في تحويل 1,000 قرية في ولاية مهاراشترا من خلال تعزيز فرص الحصول على مياه الشرب، وتحسين النتائج التعليمية، والحد من وفيات الرضع والأمهات، وزيادة الدخل الذي يتم تحقيقه من الزراعة. إن الارتقاء إلى مستوى هذا التحدي يتطلب نُهجاً متكاملة ومتعددة القطاعات وفهماً عميقاً للسياقات المحلية التي تساهم في بروز مثل هذه المشكلات. لكن عادة ما يفوق مثل هذا الهدف الجريء قدرة أي جهة فاعلة بمفردها أو مواردها أو تأثيرها.

يمكن لتحالفات التعاون في العمل الخيري أن توسع دائرة نفوذ الجهات الفاعلة وتأثيرها. إنه رهان مضمون بأن غالبية الممولين والمنظمات غير الحكومية الذين يسعون إلى التحسين - وفي كثير من الحالات إنقاذ الأرواح - يطمحون لأن يجذبوا الموارد. أي أنهم يريدون جذب المزيد من الموارد والمزيد من الاهتمام بالقضايا الاجتماعية التي يتطلعون للتأثير فيها. ومنطقهم هو أنهم سيتمكنون من مضاعفة تأثيرهم في حال وسعوا دائرة نفوذهم، من خلال حشد الممولين والمنظمات غير الحكومية والحكومة والجهات الفاعلة الأخرى لمساندة قضيتهم.

يمكن لتحالفات التعاون في العمل الخيري أن تساهم في التخفيف من المخاطر. فبالنسبة للعديد من المانحين، يبدو الاستثمار في فكرة جديدة بكل ما تحمله الكلمة من معنى أمراً محفوفاً بالمخاطر بطبيعته، إذ يكاد يكون من المستحيل التنبؤ بالجدول الزمني للمبادرة وأثرها المحتمل. ولذلك يتميز تمويل الأفكار التي تقوم ببساطة بالبناء على البرامج الحالية للجهة المتلقية للمنحة بمستويات أعلى من الأمان. مع ذلك، ولكي نتمكن من إحراز تقدم حقيقي حيال هذه الأهداف الطموحة مثل إنهاء الفقر في الهند، وتحسين مستويات التغذية، وتمكين النساء والفتيات، فإنه يتوجب على الممولين الاستثمار كذلك في مجموعة مقنعة من الخيارات الاستراتيجية الجديدة - البدائل ذات الإمكانات الكبيرة للوضع القائم - على أمل أن ينتج عن واحد أو اثنين منها حلٌ يحسن حياة الملايين من البشر.

المصدر: تحالفات التعاون في العمل لخيري في الهند: قوة الكثرة  (2019)الصادر عن منظمة ’بريدجسبان‘

يبحث دليل ’بريدجسبان‘ الصادر في 2019 أيضاً في سبب فشل تحالفات التعاون. فاستناداً لدراسة للمبادرات غير الناجحة، حددت الدراسة خمسة خصائص مرتبطة في أغلب الأحيان بالمشاريع غير الناجحة. وهذه الخصائص هي:

  1. عدم توافق الأهداف بين الممولين
  2. الفشل في ترجمة الأهداف الشاملة إلى إنجازات مرحلية محددة زمنياً وقابلة للتحقق
  3. الفشل في تحديد الحجم المناسب للهياكل الإدارية والتشغيلية للتحالف التعاوني لتحسين المتابعة الفعّالة كي تتمكن من تحقيق أهدافها
  4. عدم القدرة على تكييف الاستراتيجية في مواجهة التحديات أو الفرص الخارجية أو الداخلية
  5. مشاركة محدودة أو غير فعّالة من أصحاب المصلحة في تشكيل أهداف الكيان التعاوني وتيسير عملية التنفيذ

وللتعمق في فهم تحالفات التعاون من أجل العطاء في الهند، يمكنكم قراءة تقرير تحالفات التعاون في العمل لخيري في الهند: قوة الكثرة  (2019)الصادر عن منظمة ’بريدجسبان‘. أجرى مؤلفو هذا التقرير مقابلات مع أكثر من 50 شخصاً - من الشركاء الرئيسيين والتنفيذيين - فضلاً عن القادة المنخرطين في العمل مع تحالفات التعاون في العمل الخيري - للمساعدة في تطوير تحالفات التعاون في العمل الخيري والتحقق من صحة تعريفها في السياق الهندي، فضلاً عن تحديد أهدافها وأدوارها النموذجية.

وتشمل المنظمات التي شملها الاستطلاع وتم إدراجها وتحليلها في الدليل ما يلي: ’مؤسسة الهند التعاونية للمناخ‘ India Climate Collaborative؛ و’تحالف الهند للصرف الصحي‘ India Sanitation Coalition؛ و’التحالف من أجل إنقاذ الأمهات والأطفال حديثي الولادة‘ Alliance for Saving Mothers and Newborn؛ و’مؤسسة التحول الاجتماعي للقرى‘Village Social Transformation Foundation. وتضمنت بعض التحديات الرئيسية المتعلقة بالعطاء التعاوني التي حددها الأشخاص الذين تمت مقابلتهم ما يلي: الافتقار إلى الثقة، الأمر الذي يؤدي إلى سيطرة مفرطة من قبل الشركاء الرئيسيين؛ والنهج المنعزلة التي يتبعها الشركاء، مع صعوبة في الموازنة بين الأولويات التنظيمية للشركاء وأجندة التحالف التعاوني؛ وانعدام الوضوح بشأن أدوار ومسؤوليات الشركاء.

أساسيات التعاون الخيري الثلاث المعروفة اختصار بـ 3Cs

يفيد التقرير أن "التعاون الخيري لا يتبنى خطة للتغلب على هذه التحديات"، لكنه يحدد ثلاثة أمور أساسية معروفة اختصاراً بـ "3Cs" لا بد للمتعاونين الحاليين والأشخاص الذين يطمحون إلى الانضمام لجهود تعاونية أخذها في الاعتبار.

التعاون يتطلب التزاماً (Commitment). يتطلب تخطي تعقيدات التعاون وإحراز تقدم نحو الأهداف الكبيرة استثماراً قدراً لا يستهان به في الوقت والإبداع والمثابرة. كما يتعين على تحالفات التعاون في العمل الخيري تأمين الممولين الأساسيين المستعدين لتقديم تمويل غير مقيد وطويل الأجل (يستمر لثلاث سنوات على الأقل).

يمكن للوضوح (Clarity) والتواصل (Communication) تبسيط العمل الجماعي. يظهر الوضوح عندما تكون هناك محادثات منتظمة ومتسقة حول من يفعل ماذا وحول كيفية تقدّم الشركاء الرئيسين والمنفذين نحو الوفاء بالالتزامات التي أخذوها على عاتقهم. فمن شأن مثل هذه الشفافية أن تقلل من احتمالية حدوث انتكاسات مفاجئة والتصدي لميل الأشخاص للدفع بأجنداتهم الخاصة أو التراجع للعمل بشكل منعزل.

كن مستعداً لتصحيح المسار (Course Correct). يكاد يكون من الحتمي أنه مع انتقال التعاون في العمل الخيري من مرحلة التخطيط الاستراتيجي إلى مرحلة التنفيذ، فإن بعض الافتراضات لن تثبت صحتها. لكن من خلال تتبع التقدم المحرز والنتائج بصورة مستمرة، يمكن لجهات التعاون الحصول على إشارة مبكرة حول ما يجب تغييره، بالإضافة إلى اغتنام الفرصة للتعلم والتحسين. وإذا قرر الشركاء التحول من النموذج التعاوني إلى العمل بشكل مستقل، فإن توقع التغيير وإدارته يصبح أكثر أهمية من ذي قبل.

المصدر: تحالفات التعاون في العمل لخيري في الهند: قوة الكثرة  (2019) الصادر عن منظمة ’بريدجسبان‘

طرق وأسباب عمل المموّلين معاً

تقدم الهيئة التي كانت تعرف سابقاً باسم ’غرانت كرافت‘ Grantcraft وتسمى الآن ’التعليم الوضح من أجل الممولين‘Candid Learning for Funders والتي تتخذ من الولايات المتحدة مصدراً مفيداً حول العطاء التعاوني. يحدد دليلها الذي يحمل عنوان تعاون الممولين: طرق وأسباب عمل المموّلين معاً نقاط الارتكاز المشتركة التي تجمع الممولين، وتأخذ بعين الاعتبار إيجابيات وسلبيات العطاء الجماعي، وتنظر في كيفية تنظيم المؤسسات والأفراد من أجل إقامة علاقات متينة والوصول إلى نتائج جيدة.

تتحدث ’غرانت كرافت‘ بشكل صريح عن التعقيدات والتحديات التي ينطوي عليها التعاون في مجال العمل الخيري. ويشير الدليل إلى أن "الجهد التعاوني قد يصطدم بالثقافات المؤسسية التي تعلّق أهمية كبيرة على الاستقلال المؤسسي والتقدير والقيادة". ويضيف أن "الاهتمامات والشخصيات المتنوعة يمكن أن تخلق تحديات وقد يكون الالتزام والوقت والموارد المطلوبين للانضمام إلى تحالف تعاوني أمراً شاقاً. كما قد يبدو الحافز على التعاون بعيد المنال بالنظر إلى ندرة الأدلة الدامغة على فوائد تقديم المنح التعاونية وفعاليتها من حيث التكلفة ومزاياها الاستراتيجية".

كما يناقش الدليل كيف تشكل "فوضى" تحالفات التعاون جزءاً من قيمتها. وتقول ماريان هيوز، المديرة التنفيذية المؤسسة لـ’معهد التفاعل من أجل التغير الاجتماعي‘ Interaction Institute for Social Change، وهي شركة استشارية مقرها الولايات المتحدة تركز على التعاون الاجتماعي أن "العملية نفسها هي التي تحفز التحوّل المهم من الاعتقاد بأن الإجابات والخبرات الصحيحة تمتلكها فئة قليلة إلى الفهم بأن الحكمة الجماعية للمجموعة هي التي تحدد الإجراء الصحيح وتحقق التأثير الأكبر".

ويتضمن الدليل مجموعة من الأسئلة المفصلة التي تستهدف الأشخاص الذين يجتمعون معاً لتشكيل تعاون. يمكنك تنزيل نسخة قابلة للطباعة (وملف Word قابل للتحرير) من الدليل هنا. وتشمل النقاط التي تناولها: الغرض؛ والعضوية؛ والعمليات والتشغيل؛ والإدارة؛ المنح والموارد؛ والتقييم.

كما توجد قائمة مرجعية ثانية لمساعدة تحالفات التعاون قيد التأسيس وتلك التي تم تأسيسها على تقييم أدائها. هل لديهم وضوح بشأن الأهداف النهائية والنتائج والاستراتيجية؟ هل هناك ما يكفي من المال لإنجاز العمل؟ هل هناك دليل على التعلم المستمر بين الأعضاء؟ هل هناك خطة للخروج؟ يمكنك تنزيل نسخة قابلة للطباعة (وملف Word  قابل للتحرير) من هذا الدليل هنا.

ما الذي يجمع الممولين معاً

المجال. يسعى بعض المتعاونين إلى تنمية مجال معين أو إحراز تقدم فيه والذي غالباً ما يكون مجالاً جديداً أو متنامياً، مثل العدالة الإنجابية أو حقوق الإعاقة.

الحلول. تتشكل بعض أشكال التحالفات التعاونية للتصدي لمشكلة ما أو لإيجاد حل معين، مثل إصلاح نظام الهجرة على الصعيد الاتحادي، لاسيما عندما يرى المموّلون فرصة سياسية في الأفق.

الاستراتيجية. تدعم بعض التحالفات التعاونية استراتيجيةً أو نهجاً معيناً، مثل تنظيم المجتمع.

الهوية. يعمل بعض المتعاونين معاً لتحسين ظروف الأشخاص من عرق أو إثنية أو اقتناع أيديولوجي أو دين أو جنس أو توجه جنسي أو مكانة تعليمية أو اقتصادية معينة أو أي مجموعة أخرى.

الجغرافيا. تدعم بعض تحالفات التعاون المنظمات أو القضايا أو الحلول أو الاستراتيجيات في منطقة جغرافية معينة.

المصدر: غرانت كرافت، تعاون الممولين: طرق وأسباب عمل المموّلين معاً (2009)

نماذج وأدوات

يمكنك الاطلاع على دليل مفصل حول تشكيل تحالفات التعاون بين الموليين وإدارتها على موقع Funders Collaborative Hub الذي تستضيفه ’جمعية المؤسسات الخيرية‘ Association of Charitable Foundations في المملكة المتحدة. وتغطي مجموعة الأدوات للتعاون بين الممولين  Funder Collaboration Toolkit الخطوات الاستراتيجية والعملية الموصى بها من أجل الوصول إلى تعاون يتميز بالكفاءة والفعالية. كما أنه يحدد 12 خطوة تم تجميعها في ثلاث مراحل هي التأسيس، والبناء، والإشراف.

اقرأ المزيد

يحتاج المموّلون إلى تخطي الكياسة إلى تحديد التوقعات لما سيولده عملهم الجماعي من قيمة - للمستفيدين والجهات المتلقية للمنح ولهم أيضاً – بما يتجاوز ما يمكنهم تحقيقه لو عمل واحد منهم على حدة، كما كتبت أليسون باول وسوزان وولف ديتكوف وفاي تويرسكي في مجلة ستانفورد للابتكار الاجتماعي. اقرأ المزيد

يعتبر هذا التقرير بمثابة مرجع لرواد العطاء والمنظمات الخيرية إذ يساعدهم في استكشاف تطور العمل الخيري التعاوني في آسيا. فهو يبحث في البيئات التمكينية، ويعرض الأطر المختلفة لتحالفات التعاون الفرص والتحديات التي يواجهها رواد العطاء والمنظمات الخيرية الذين يتطلعون إلى المشاركة في الجهود التعاونية ذات الطابع الرسمية. كما يعرض دراسات لتالفات تعاون في العمل الخيري في كل من المنطقة والعالم. اقرأ المزيد

كتب هذا المقال في مجلة ستانفورد للابتكار الاجتماعي عام 2015، لكنه يقدم ملخصاً جيداً للدروس المستفادة من تقرير ’بريدجسبان‘ Bridgespan الذي يتناول تجربة ’مؤسسة ديفيد آند لوسيل باكارد الخيرية‘David and Lucile Packard Foundation التي يقع مقرها الولايات المتحدة في مجال التعاون. اقرأ المزيد