لورين تشارلز رائدة أعمال اجتماعية وباحثة. وهي المؤسس والمديرة التنفيذية لمؤسسة «نعمل»، التي تربط النازحين قسراً بفرص العمل عن بُعد. ولورين هي أيضاً باحثة مشاركة في مركز أبحاث الأعمال بجامعة كامبريدج، ومستشارة في منظمة العمل الدولية (ILO)، وعضوة في اللجنة الاستشارية الفنية لبرنامج «ريبيلد» التابع للجنة الإنقاذ الدولية (IRC)، وهو برنامج لإعادة بناء سبل العيش في منطقة شرق إفريقيا.
إننا نشهد نزوحاً عالمياً غير مسبوق، حيث تجاوز عدد النازحين قسراً لـ 120 مليون شخص. وهذا الموضوع هو أكثر من مجرد أزمة إنسانية – إنه نداء لحلول جريئة ومنهجية ومبتكرة تتجاوز حدود المساعدات. والسؤال هو ماذا سيحدث لو توقفنا عن رؤية اللاجئين كمتلقين للدعم فقط – وبدأنا في رؤيتهم كصُنّاع للاقتصاد الرقمي؟
وفي مؤسسة «نعمل»، فإننا لا نثبت أن هذا الأمر ممكناً فحسب، بل نثبت أنه قابل للتوسع أيضاً. وتقوم مؤسسة «نعمل»، من خلال العمل عبر منطقة شرق إفريقيا والشرق الأوسط، بتزويد الأفراد النازحين بالمهارات الرقمية والناعمة اللازمة للوصول إلى فرص العمل عن بُعد، مما يعزز إدماجهم الاقتصادي على المدى الطويل. ونهجنا قائم على فكرة بسيطة، ولكنها قوية – ألا وهي أن المواهب موجودة في كل مكان، ولكن الفرص ليست كذلك.
وإننا نؤمن بأن الاقتصاد الرقمي – الذي لا حدود له وسريع النمو – يوفر للاجئين فرصة فريدة لتجاوز الحواجز الهيكلية التي تستبعدهم من أسواق العمل التقليدية. وغالباً ما يواجه اللاجئون قيوداً قانونية، أو نقصاً في الوثائق، أو تمييزاً ضدهم، أو محدودية الوصول إلى التعليم والبنية التحتية. ولكن مع الدعم المناسب، فإنه يمكنهم أن يكونوا مشاركين بالكامل في مستقبل العمل.
ونتبنى نهجاً شاملاً في مؤسسة «نعمل»؛ بالإضافة إلى تطوير المهارات الرقمية، فإننا نقدم تدريباً على المهارات الناعمة، ونوفر الإرشاد، وندعم الدارسين في الاستعداد لسوق العمل. ونقوم كذلك، من خلال ذراعنا الجديد للتوظيف – وكالة «نعمل» – بربط الخريجين المدربين بالعمل عن بُعد وبالعمل الحر مع عملاء عالميين – بدءاً من الشركات الناشئة إلى المنظمات غير الحكومية.
ومنذ عام 2024، قد قمنا بتسهيل 22 مشروعاً، وربط 50 من المهنيين اللاجئين بعمل عن بُعد ذو أجر جيد، ولدينا المزيد من الإنجازات في الطريق. وفي المتوسط، يكسب اللاجئ المهني حوالي 800 دولار أمريكي لكل مشروع، وبمعدلات أجور بالساعة تتراوح من 15 إلى 40 دولاراً. وبالإضافة إلى دعم الأفراد للوصول إلى عمل مستدام، فإننا ندعم أيضاً تطوير النظام العام، وهذا بناءً على إيماننا بأن التوسع لا يتحقق إلا من خلال نظام بيئي قوي.
ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا. وإذا أردنا توسيع نطاق هذا الأثر والوصول إلى المزيد من المجتمعات المحلية، فإننا بحاجة إلى مشاركة نشطة من الجهات المانحة والشركات المسؤولة اجتماعياً.
وهذا نداء مباشر إلى الجهات المانحة: نحن بحاجة إلى استثماركم لبناء أنظمة عامة، وليس فقط لتشغيل برامج قصيرة المدى. ودعونا نخلق شيئاً يدوم.
"نحن بحاجة إلى استثماركم لبناء أنظمة عامة، وليس فقط لتشغيل برامج قصيرة المدى. ودعونا نخلق شيئاً يدوم".
وغالباً ما يكون تمويل سبل عيش اللاجئين هو مجزأ، وقصير المدى، ويركز بشكل مفرط على المهارات الأساسية. ولكن العمل الرقمي يتطلب أكثر من مجرد تدريب أساسي – إنه يحتاج إلى بنية تحتية، وإرشاد، وتفاعل مع أصحاب العمل، ومتابعة طويلة المدى.
والأهم من ذلك، أنه يتطلب تحسين متقدم ومكثف للمهارات الرقمية والذي يتضمن استخدام الذكاء الاصطناعي. ويمكن للدعم المقدم من الجهات المانحة أن يؤدي إلى إطلاق العنان لهذه العوامل الممكّنة، مما يساعد منظمات مثل مؤسسة «نعمل» على التوسع في مناطق جغرافية جديدة، وتعزيز النظام البيئي المحلي، وبناء شراكات استراتيجية.
كما يمكن للعمل الخيري أن يلعب دوراً حاسماً في سد الفجوات في البنية التحتية؛ إذ يفتقر الكثير من اللاجئين إمكانية الوصول إلى الكهرباء، أو الإنترنت المستقر، أو الأجهزة – وهي متطلبات أساسية للتوظيف الرقمي.
ويمكن للجهات المانحة أن تستثمر بشكل مشترك في تحسين الاتصال، ومساحات العمل المجتمعية، وتوزيع الأجهزة. وهذه ليست أشياء كمالية من "اللطيف أن يمتلكوها" – بل إنها أساسيات. وبدونها، فإنه حتى أفضل البرامج التدريبية المصممة سوف تبوء بالفشل في تحويل التعلم المكتسب إلى دخل منتظم.

العمل عن بُعد هو وسيلة فعّالة لتحقيق المساواة، حيث يفتح آفاقًا جديدة ويوفر للشركات إمكانية الوصول إلى مواهب جديدة.
الصورة: مُقدّمة.
ونقول للشركات وقادة المسؤولية الاجتماعية للشركات: لم تكن الجدوى التجارية لدعم إدماج اللاجئين هي أكثر وضوحاً مما هي عليه اليوم. وفي بيئة اليوم التي تعاني من ندرة المواهب، فإن الشركات تحتاج إلى فرق ماهرة ومتحمسة ومتنوعة. ويمثل اللاجئون مجموعة من المواهب المرنة التي غالباً ما يتم تجاهلها، وذو إمكانات غير مستغلة. ومن خلال التوظيف عن بُعد والتعاقد القائم على المشاريع، فإنه يمكن للشركات من سد الفجوات الحرجة في المواهب وإحداث تأثير اجتماعي ملموس على حد سواء.
والشراكة مع مؤسسة «نعمل» تعني أكثر من مجرد إجراء شكلي ووضع علامة على خانة المسؤولية الاجتماعية للشركات – بل إنها تتعلق ببناء شيء حقيقي. وهذا يعني إنشاء حلول مشتركة.
وعلى سبيل المثال، تعاقدت إحدى الجامعات الأوروبية مؤخراً مع وكالة «نعمل» للاستعانة بمصادر خارجية لتفويض مهام التصميم إلى لاجئين ذو أعمال حرة. وكانت النتائج ممتازة – تسليم في الوقت المحدد، ومخرجات عالية الجودة، ودخل ذي مغزى للمهنيين النازحين. ونحن الآن نعمل على بناء نماذج لتكرار وتوسيع هذه الشراكات.
وهناك أيضاً فرصة أمام الشركات لتضمين إدماج اللاجئين في عملياتها الأساسية – وهذا عبر التعاقد مع وكالة «نعمل»، أو توظيف خريجي مؤسسة «نعمل» مباشرة، أو تقديم تدريب مدفوع الأجر، أو إرشاد المهنيين النازحين.
والشركات التي تمتلك مختبرات ابتكار، أو برامج تسريع، أو فرق موزعة، هي الأكثر تأهيلاً لريادة هذا التوجه. ومع تصاعد مفاهيم التوريد المؤثر وسلاسل الإمداد الشاملة، فإنه يمكن – وينبغي – أن تكون المواهب اللاجئة هي جزءاً من تخطيط القوى العاملة لديكم.
كما ندعو قادة المسؤولية الاجتماعية للشركات إلى أن يصبحوا أبطال ودعاة لسياسات شاملة داخل مجالاتهم الصناعية. وهذا يعني الدعوة إلى أطر تنظيمية تسهل من توظيف المواهب النازحة، والاعتراف بالتحديات، والعمل بنشاط لإزالة الحواجز التي تحول دون المشاركة. وصوتكم مهم – ليس فقط بداخل شركتكم، ولكن في النظام البيئي الأوسع للأعمال التجارية.
ولكل من الجهات المانحة والشركات دوراً في تغيير السرد ما حول اللاجئين – وتغييره من الضعف إلى الإمكانات. وإن دعم منظمات مثل مؤسسة «نعمل» ليس صدقة – بل هو استثمار في مستقبل العمل، والتماسك الاجتماعي، والتنمية المستدامة. وإنه شراكة مبنية على الابتكار، والثقة، والرؤية طويلة المدى.
ولا شك إن أزمة اللاجئين تمثل واحدة من القضايا الحاسمة في عصرنا. ولكنها تمثل أيضاً واحدة من أعظم الفرص لبناء اقتصاد رقمي أكثر شمولاً وإنصافاً.
واللحظة المؤاتة للتحرك والعمل هي الآن. وهذه هي الفرصة بالنسبة للجهات المانحة التي تسعى للقيام باستثمارات تحويلية، وكذلك لقادة المسؤولية الاجتماعية للشركات الذين يتطلعون إلى مواءمة الغاية والأداء.
كما لا شك إن اللاجئون يمتلكون المواهب؛ وإن الاقتصاد الرقمي يمتلك المطلب؛ وإن ما هو مفقود هو الجسر بينهما؛ وإن مؤسسة «نعمل» – ومنظمات مماثلة لها – هي من تبني هذا الجسر.
للمزيد حول أعمال "نَعْمَل"، يمكنك قراءة تقرير الأثر لعام 2024 من هنا.