الحماية والتخفيف والتكيف

أوليفر كاريوس من إل جي تي للعمل الخيري الاستثماري يوضح أهمية "تجديد النظم البيئية" ويعرض الركائز الثلاثة للعمل الخيري من أجل المناخ

Photo 5 Maasai Man Uses Binoculars 2 (2)

أوليفر كاريوس هو الرئيس التنفيذي والشريك في مؤسسة إل جي تي للعمل الخيري الاستثماري LGT Venture Philanthropy، وهي مؤسسة خيرية مستقلة تأسست عام 2007. وتسعى مؤسسة إل جي تي التي تضم فرق عمل في كل من سويسرا وأفريقيا جنوب الصحراء الكبرى والهند، إلى تعزيز رفاه الأفراد الذين يعانون من الحرمان وتحسين النظم البيئية المستدامة، وإنشاء مجتمعات قوية وشاملة للجميع ومزدهرة. وتركز المؤسسة على تمكين المنظمات المحلية التي تقدم حلولاً فعالة وقابلة للتوسيع في مجالات الرعاية الصحية والتعليم والبيئة، وبالتالي المساهمة بشكل مباشر في تحقيق أهداف التنمية المستدامة.

يتعين علينا أن نوسع نطاق الحفاظ على النظم البيئية المهددة والمتدهورة وتجديدها إذا أردنا التخفيف من آثار أزمة المناخ، وتحقيق الأمن الغذائي والمائي، وحماية التنوع البيولوجي، ودعم سبل العيش.

فالنظم البيئية تقدم "خدمات" أساسية ترتبط ارتباطاً وثيقاً بصحة كوكبنا، لا سيما توفير الأكسجين والمياه العذبة والغذاء، فضلاً عن تنظيم درجات الحرارة والحد من انتشار الأمراض.

كما تلعب هذه النظم دوراً حاسم الأهمية في توفير سبل العيش المستدامة، وهي حالياً الخيار الناجع الوحيد لإزالة ثاني أكسيد الكربون على نطاق واسع من الغلاف الجوي من أجل التخفيف من آثار تغير المناخ.

ولهذا السبب تتمحور المبادرات البيئية لمؤسسة إل جي تي للعمل الخيري الاستثماري LGT Venture Philanthropy حول الممارسات القائمة على المجتمعات المحلية للحفاظ على البيئة البرية والبحرية وتجديدها، ما يؤدي أيضاً إلى تمكين هذه المجتمعات من خلال توفير سُبل العيش المستدامة.

فنحن نؤمن إيماناً راسخاً بأن المجتمعات المحلية تمتلك المعارف الضرورية للحفاظ على النظم البيئية التي تعيش فيها وتجديدها، ولذلك لا بد أن تكون هذه المجتمعات جزءاً لا يتجزأ من أي مبادرة تهدف إلى حماية هذه النظم وتجديدها. فهي أفضل من يقوم بقيادة جهود التخفيف من آثار تغير المناخ بالحفاظ على احتياطيات ثاني أكسيد الكربون الكبيرة المخزنة في الأراضي التي تملكها. وهذا بالتحديد ما يدفعنا للتركيز المبادرات المحلية.

"التمويل الخيري هو شكل من أشكال رأس المال المجازف، إذ يمكنه تحمل أقصى قدر من المخاطر لتحقيق أقصى قدر من التأثير".

Microsoftteams Image (8) (1)

تعمل مؤسسة داشكين، وهي مؤسسة هندية غير ربحية، على مساعدة مجتمعات الصيد على حماية النظم البيئية الطبيعية وسبل العيش. الصورة: إل جي تي

ففي الهند على سبيل المثال عقدنا شراكة مع مؤسسة داكشين Dakshin Foundation، وهي منظمة غير ربحية، لتوسيع نطاق برنامجها ’سي تشينج‘  SeaChange الذي يوفر الدعم للمجتمعات المحلية والجهات الحكومية والمجتمع المدني للتشجيع على استخدام الموارد الساحلية والبحرية على نحو مستدام.

وسيتم توسيع نطاق برنامج ’سي تشينج‘ ليشمل أكثر من 102 قرية على طول الخط الساحلي الخاضع للإدارة والممتد لمسافة 500 كيلومتر، ما يغطي 7 في المئة من ساحل الهند ويساهم في أكثر من 20 في المئة من هدف30x30   (حماية 30 في المئة من محيطات العالم بحلول عام 2030) في الهند.

ويتمثل الهدف الأساسي في تمكين مجتمعات صيد الأسماك من المطالبة بحقوقها التنموية وتأمين سبل العيش المستدامة لها مع الحفاظ على الموارد الحيوية التي تكفل رفاهها في المستقبل. بالإضافة إلى ذلك، يلعب الحفاظ على النظم البيئية مثل أشجار المانغروف دوراً في [الحد من انبعاثات] الكربون.

وفي الوقت نفسه، تشارك مؤسسة إل جي تي بفعالية منذ عام 2016 في حماية النظام البيئي الواسع النطاق لماساي مارا في كينيا من خلال توفير التمويل الأساسي وغير البرنامجي لدعم المنظمات والمبادرات المختلفة هناك.

وتشمل هذه المبادرات:

  • تمويل رسوم الإيجار لتأمين 17,000 فدان من الأراضي داخل محمية باردامات، وهي منطقة محمية ذات استخدام مزدوج (إزالة الأسوار للسماح للحيوانات بالتجول بحرية وتزويد الأسر الرعوية بدخل يمكن الاعتماد عليه).
  • إنشاء كلية سياحة للحياة البرية لتزويد المجتمع بمجموعة واسعة من المهارات اللازمة لتشغيل محميات مارا بفعالية وتقديم تجربة سياحية عالية الجودة.
  • تعزيز قدرة جمعية محميات الحياة البرية في ماساي مارا، وهي منظمة مظلة لمحميات مارا، ما يمكنها من توسيع نطاق خطتها الاستراتيجية.
  • دعم الشركاء المحليين في المبادرات الرائدة في مجالات إدارة النفايات واحتجاز الكربون.

"نحن نبحث عن حلول مبتكرة وقابلة للتطوير يمكننا من خلالها توفير رأس مال صبور و طويل الأجل، مما يسهّل توسيع نطاق النماذج الجديدة التأكد من استدامتها".

وعند الحديث عن التصدي لآثار تغير المناخ، لا بد من الإشارة إلى ثلاث ركائز أساسية هي: الحماية، والتخفيف، والتكيف.

تعني الحماية ضمان الحفاظ على أنظمتنا البيئية حتى تتمكن من الاستمرار في دعم الأجيال القادمة. أما التخفيف فهو عبارة عن الجهود التي يتم توجيه معظم التمويل نحوها في الوقت الحالي والتي تشمل التقنيات الحديثة والمركبات الكهربائية وأساليب احتجاز الكربون والحلول الأخرى ذات الصلة. وأخيراً يأتي التكيف الذي يركّز على تعزيز قدرة المجتمعات المحلية على الصمود وتمكينها من التكيف مع آثار تغير المناخ.

يلعب العمل الخيري دوراً حاسماً في حماية النظم البيئية والمجتمعات التي تحتضنها. فنحن شكل من أشكال رأس المال المجازف، إذ يمكننا تحمل أقصى قدر من المخاطر لتحقيق أقصى قدر من التأثير دون الاهتمام بتحقيق عوائد مالية فورية.

ويمكن لروّاد العطاء والمحسنين الاهتمام بالقضايا التي تعاني من نقص التمويل والتي قد يعتبرها القطاع الخاص والحكومات محفوفة بالمخاطر أو التي تتجاهلها المؤسسات الخيرية التقليدية التي غالباً ما تفضل التركيز على تمويل مشاريع بعينها.

نحن نبحث عن حلول مبتكرة وقابلة للتطوير يمكننا من خلالها توفير رأس مال صبور و طويل الأجل، مما يسهّل توسيع نطاق النماذج الجديدة التأكد من استدامتها.

وفي كثير من الأحيان، يتجاهل الممولون هذه الحلول الطبيعية لمشكلة تغير المناخ، على الرغم من أنها يمكن أن تسهم في ما يصل إلى 37 في المئة من التخفيف المطلوب والفعال من حيث التكلفة بحلول عام 2030 للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري إلى درجتين مئويتين.

لم يكن التنوع البيولوجي لفترة طويلة جانباً بارزاً في المناقشات بشأن المناخ. غير أن هذا السيناريو يتغير بسرعة. فبعد توقيع الدول على إطار كونمينغ-مونتريال العالمي للتنوع البيولوجي في ديسمبر 2022 تعهدت بحماية ما لا يقل عن 30 في المئة من المناطق البرية والبحرية، مع الاعتراف أيضاً بأراضي الشعوب الأصلية وأقاليمها التقليدية.

والآن وبعد أن وضعنا أهدافاً عالمية، فإننا نشهد توافقاً أكبر بين التنوع البيولوجي ومناقشات المناخ، مما يعزز المزيد من الترابط في أساليبنا في التصدي لهذه القضايا. لقد كان هذا التركيز الرئيسي لمؤسسة إل جي تي للعمل الخيري الاستثماري لأكثر من خمس سنوات.

ومن منظور استراتيجي، يمكننا الاستفادة من هذه الأطر الدولية، مثل اتفاق باريس واتفاقية مونتريال، فضلاً عن أهداف التنمية المستدامة. ولم يعد لدى رواد العطاء الآن أي عذر لتجنب المشاركة الفعالة.