تحقيق التأثير المضاعف

أليشا موبين، رائدة العطاء من الجيل التالي، تتحدث عن فلسفتها في مجال العمل الخيري، وسبب إعطائها الأولوية للمشاريع الصحية، وعن أهمية الشراكات

Alisha

أليشا موبين هي نائبة المدير العام لشركة ’أستر دي إم للرعاية الصحية‘، وهي مجموعة شركات متخصصة في المجال الصحي وتعمل في عدة دول أسسها والدها الدكتور آزاد موبين، الذي جاء إلى منطقة الخليج من ولاية كيرالا في الهند في ثمانينيات القرن الماضي. تحمل أليشا شهادة في المحاسبة القانونية من معهد المحاسبين القانونيين في اسكتلندا، وهي عضو مجلس أمناء مؤسسة أستر دي إم الخيرية، وترأس برنامج ’آستر للمتطوعين‘ Aster Volunteers كما تدعم بشكل شخصي عدداً من القضايا الخيرية في كل من الهند والإمارات العربية المتحدة. وفي عام 2018، تم اختيارها أليشا كقائدة عالمية شابة من قبل المنتدى الاقتصادي العالمي.

حتى عندما كنا أطفالاً صغار وكنا نحصل على مصروف الجيب، كان يتم حثنا على الدوام على استخدامه في بعض الأعمال الخيرية، سواء كان ذلك رعاية الأطفال أو تقديم المساعدة بأي طريقة أخرى.

يرغب الكثير من الأشخاص بالقيام بعمل الخير، لكن في بعض الأحيان يكون لديهم النية فقط وليس المنصة اللازمة لتقديم عطائهم. فأنت بحاجة إلى تلك المنصة لتتمكن من التواصل ولكي تتمتع بالمصداقية وتسهّل عليك العطاء، أياً كان نوعه، سواء كان تبرعاً بالمال أو الوقت.

يتمتع كل منا بفرصة هائلة للتأثير على حياة الكثير من الأشخاص. ولذلك حاولنا من خلال استحداث برنامج ’آستر للمتطوعين‘ Aster Volunteers إنشاء منصة تسمح للأشخاص برؤية التأثير الذي يحدثونه واختباره والشعور بالرضا حياله.

إن الوقت ثمين للغاية. ولذلك فإنني أقول للناس دائماً، كرسوا وقتكم أولاً ومن ثم ستختبرون التأثير الذي ستتركونه في حياة الأشخاص الذين تتعاملون معهم.

كما أنني أقول لأطفالي دائماً: ’لا تنتظروا أن أعطيكم فلساً واحداً ... لقد حصلتم على تعليم جيد وكل ما تحتاجون إليه الآن هو الاعتماد على أنفسكم وتسيير حياتكم الخاصة‘. فإذا تركت الناس يعتمدون على الثروة، فلن تتمكن من صنع قادة الغد.

يتعلق الإحسان وعمل الخير بالنسبة لي بالبناء من أجل المستقبل وهذا يبدأ فعلاً عندما نستثمر في الأطفال.

لا بد أن يحظى جميع الأطفال بفرص متكافئة. ومن المهم بالنسبة لي أن أساعد الأطفال على الوقوف على أسس متينة تمكنهم من أن يكونوا مستقلين. يمكنك أن تعطيهم سمكة أو يمكنك أن تعلمهم الصيد. هناك الكثير من الأشياء التي يمكن  فعلها بالمال؛ لكن يتعلق الأمر بتنشئة أشخاص مستقلين يمكنهم أن يصبحوا مكتفيين ذاتياً.

إن الصحة أمر مهم جداً أيضاً. فإذا لم تبدأ حياتك عند مؤشر الصحة الصحيح، فستصبح المنافسة في هذا العالم أكثر صعوبة. من هنا فإن تقديم الرعاية الصحية الجيدة للناس يعتبر نقطة البداية بالنسبة لنا لأنه يشكّل جزءاً كبيراً من الحياة التي سيعشها المرء.

ومن المهم جداً أيضاً أن يذهب أقصى قدر ممكن من التمويل إلى الأشخاص على الأرض إذا كنا نريد أن نحدث التأثير المطلوب. ولا بد من خفض التكاليف الإدارية إلى الحد الأدنى. فالناس عندما يتبرعون بالمال، يفعلون ذلك عن ثقة، فهم يريدون أن تذهب أموالهم التي جمعوها بعرق الجبين لخدمة الناس على الأرض.

يسيطر الواحد بالمئة الأغنى في العالم على ما يقرب من نصف ثرواته. إنه أمر غير مقبول. نحن بحاجة بالفعل إلى الانتقال من عقلية التكديس إلى عقلية التوزيع. يجب علينا الابتعاد عن مفهوم صنع الثروة والتركيز على إعادة توزيعها.

لا يزال الكثير من الناس يفكرون بالعقلية الرأسمالية. فكل تفكيرهم يدور حول ما يمكنهم فعله لكسب المزيد [من الثروة] لأنفسهم وعائلاتهم، لكن في الحقيقة علينا أن نطرح السؤال التالي: ’ماذا يمكنني أن أفعل لبقية العالم، حتى نتمكن جميعاً من النهوض معاً؟

إن التعاون وعقد الشراكات أمران مهمان للغاية. فهما ما نحتاج إليه للارتقاء بمستوى العمل الخيري ومن أجل التمكن من توسيع نطاق تأثيرنا. فالعطاء الناجح يعني القدرة على تحقيق التأثير المضاعف.

لم أكن أحب التحدث عن العمل الخيري وأتذكر أنني قلت لوالدي يوماً: "إنك تقوم بعمل رائع، ولكن لماذا عليك الحديث عنه؟".

أخبرني أن الأمر يتعلق بإحداث تأثير الدومينو. فمن المهم بالنسبة له أن يكون، بصفته شخصاً يعتبره الناس مثلاً أعلى في المجتمع، مؤثراً من أجل إحداث التغيير الإيجابي. أنا أفهم ذلك الآن.

قد يكون لكل منا طريقة مختلفة في القيام بالعمل الخيري، لكنني أعتقد أنني أشارك والدي المبادئ ذاتها. فأنا اتفق تماماً مع مبدأ السعي لإحداث التغيير وتحقيق الأثر.

*هذه المقالة هي نسخة مختصرة من مقابلة سيتم نشرها على موقع ’زمن العطاء‘.