مكاسب طويلة المدى

باتريشيا ماكيلريفي، رئيسة مركز العمل الخيري للتصدي للكوارث، توضح لماذا يجب على المانحين التمتع بالفطنة والتفكير بالتعافي عند الاستجابة للأزمات

Gettyimages 1242966727. Resized

باتريشيا "باتي" ماكيلريفي هي الرئيسة والمديرة التنفيذية لمركز العمل الخيري للتصدي للكوارث (CDP) وهي منظمة غير ربحية مقرها الولايات المتحدة تكرس جهودها لمساعدة المانحين على تعظيم الأثر الذي يحققونه من موارد الخبراء، وتقديم المنح القائمة على اعتبارات المجتمعات المحلية والخدمات الاستشارية في مجال العمل الخيري. وقبل انضمامها إلى المركز في عام 2020، شغلت باتي منصب نائبة رئيس الفريق الإنساني في منظمة ’إنتر أكشن‘ InterAction، وعملت كمستشار للأمم المتحدة وحلف شمال الأطلسي، وتولت مناصب في  الخطوط الأمامية في لجنة الإنقاذ الدولية ومكتب المساعدات الخارجية لمواجهىة الكوارث التابع للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية.

سؤال: كيف تصفين "العمل الخيري لمواجهة الكوارث"؟

لنبدأ بتوضيح ماهية الكارثة. فالكارثة ليست الإعصار أو الزلزال أو الفيضان، بل الكارثة هي عندما يجتمع ذلك الحدث مع مواطن الضعف كالمباني السيئة البناء، أو أوجه عدم المساواة المجتمعية أو الاقتصادات المحلية الهشة. فالطريقة التي  يؤثر بها الحدث على المجتمعات مسألة مهمة. ومن المهم أيضاً أن نتذكر أن هذا التأثير يستمر لفترة أطول بكثير مما يظن أغلب الناس.

يرغب الجميع  بتقديم المساعدة في حالات الطوارئ من أجل تلبية الاحتياجات العاجلة على الأرض. لكن هل أنت على استعداد أيضاً لتقديم تمويل يحظى بمستوى أقل من الأهمية الإعلامية على المدى الطويل؟ ففي اليوم التالي لتعرض شخص ما للنزوح يكون جل ما يريده هو بطانية ووجبة ساخنة، لكن بعد ذلك بوقت قصير سيحتاج إلى أكثر من ذلك بكثير.

وإذا كنت تهتم لأمر السكان الذين تسعى لمساعدتهم، فأنت بحاجة إلى بذل ذلك الجهد الإضافي، ألا وهو دعم جهود التخفيف والتأهب فضلاً عن التعافي من الكوارث.

نحن نعلم أن المجتمعات المحرومة أكثر عرضة للمعاناة أثناء الكوارث، كما من المرجح أن تستغرق هذه المجتمعات وقتاً أطول للتعافي منها.

سؤال: ما الذي يجب على المانحين أخذه في الاعتبار عند النظر في الاستجابة للكوارث كالفيضانات أو الزلزال؟

من الأهمية بمكان أن تتمتع كمانح بالفطنة وبعقلية التعافي. خذ الوقت الكافي للاستماع إلى المجتمعات من أجل التعرف على ما تحتاج إليه بالفعل وتأكد من أنك تعزز قدرة المنظمات غير الربحية التي تخدم هذه المجتمعات لتحقق أكبر قدر ممكن من الفعالية.

من المهم أيضاً أن تأخذ المجتمعات زمام المبادرة في إيجاد حلول لأوجه عدم المساواة المنهجية التي تعاني منها، ويتوجب على المانحين تقديم الدعم لهذه الجهود.

خلال ذروة الوباء، ركّزت العديد من الجهات المانحة والوكالات التفيذية على معدات الوقاية الشخصية، التي لم تكن سوى قمة جبل الجليد عند الحديث عن الاحتياجات. وكما رأينا منذ ذلك الحين، أثر كوفيد-19 على المجتمعات بالعديد من الطرق، سواء جسدياً أو اجتماعياً أو اقتصادياً أو نفسياً.

أتذكر تماماً كيف ركزت طلبات المنح التي قدمتها المنظمات الشعبية أثناء الوباء على قضايا مثل تحسين مستوى رعاية الأطفال وحقوق التصويت.

لقد علق في ذهني رد إحدى المنظمات التي اتصلت بها للاستعلام عن طلبها لدعم جهود التوعية الخاصة بالتعداد السكاني لعام 2020. لقد قالوا لي أن سبب تأثر مجتمعهم بشكل غير متناسب بكوفيد-19 هو أنه لم يُحصى بشكل صحيح وبالتالي لم يكن يتمتع بالخدمات التي يحتاج إليها.

لقد كانوا ينظرون إلى المكاسب البعيدة المدى. فهم لم يريدوا الحصول على المساعدات أو حتى على الدعم على المدى المتوسط، بل أرادوا تحقيق تغيير منهجي طويل الأجل.

وهذا مجرد مثال واحد على كيف نقوم بالكثير من الأحيان بالاستخفاف بالمجتمعات، سواء بقدرتها على فهم وضعها الخاص أو ما الذي تريده حقاً من المانحين.

 سؤال: ما أهمية أن يضع رواد العطاء والمانحون ثقتهم بالمنظمات التي يعملون معها؟

إنه أمر مهم للغاية. فكما قد يسيء المانحون فهم - أو قد لا يرغبون في الاستماع إلى - ما يريده المجتمع حقاً، كذلك قد لا يثق الكثير من المانحين بقدرة المنظمات غير الربحية على إنفاق الأموال "بحكمة".

وقد أن يؤدي ذلك إلى قيام المانحين بفرض متطلبات مرهقة للغاية على الجهات المتلقية للمنح، وهو ما سيؤدي إلى تكريس تلك المنظمات المزيد من الوقت والمال لإعداد التقارير، بدلاً من التركيز على مساعدة المحتاجين.

أعتقد أنك إذا قمت بالبحث والتدقيق بمؤسسة ما قبل اختيارها، فيجب أن تكون قادراً على الوثوق بها للاضلاع بالمهمة التي تقدم إليها الدعم من أجلها. لكن في حال كنت لا تثق بها، فلماذا قدمت لها منحة في المقام الأول؟

لن يحدث مثل هذا السيناريو في مجال الأعمال. فإذا كنت قد تعاقدت مع شخص ما لتنفيذ مشروع بناء، فلن تتواجد في المعمل للتحقق من القوالب التي يستخدمونها أو لتخبرهم كيف يصفّون الطوب.

بالمثل، إذا اشتعلت النيران في منزلك، فإنك ستستدعي فرق الإطفاء، أليس كذلك؟ من الرائع أن يأتي جميع جيرانك ومعهم دلاء الماء، لكن الخيار الأفضل هو الاتصال بالإطفائية. لا يختلف هذا الأمر عن الاستجابة للكوارث والتعافي منها. يتوجب عليك الوثوق بالخبراء.

في مركز العمل الخيري للتصدي للكوارث نطلب من المانحين النظر والتعلم ومن ثم التفكير في دعم الاحتياجات الفورية وجهود التعافي، وأن يقوموا بذلك بعقلية تولي الاعتبار للعدل والإنصاف.