اشرك الآخرين في حلمك الكبير 

هادي بارتوفي، المؤسس المشارك لمنظمة Code.org يتحدث عن رحلته ومصدر إلهامه وما تعلمه خلال هذه الرحلة

Shutterstock 2087084575

هادي بارتوفي ولد هادي إيران ثم انتقل مع عائلته إلى الولايات المتحدة حيث خاض حياة مهنية ناجحة مع شركة مايكروسفت قبل أن يصبح مستثمراً في مجال التكنولوجيا. وفي عام 2013، أسس هادي وشقيقه التوأم علي منظمة Code.org التي كرست عملها لتحقيق الرؤية بمنح كل طالب من مرحلة رياض الأطفال وحتى نهاية التعليم الثانوي فرصة لتعلم علوم الحاسوب. وتتوفر دورات Code.org بـ67 لغة ويتم استخدامها حالياً في أكثر من 180 دولة.

ما الذي دفعك لإطلاق منظمة Code.org؟

أنا من إيران وكنت أبلغ ست سنوات من العمر عندما بدأت الثورة الإسلامية. ثم اندلعت الحرب العراقية الإيرانية، وكان العيش في طهران في ذلك الوقت أمراً عصيباً جداً.

وفي يوم من الأيام، وكنت أبلغ حينها التاسعة فقط من العمر، تغيرت حياتي بشكل كبير. ففي ذلك اليوم أحضر والداي معه إلى المنزل حاسوباً من نوع Commodore 64  وأعطاني أيضاً كتاباً عن برمجة الحاسوب. فأصبح ذلك الحاسوب بمثابة ملجأ لي هرباً من واقع العالم الذي كنت أعيش فيه. لقد كنت محظوظاً جداً، فوالدي كان عالم فيزياء، أما والدتي فكانت متخصصة في علم الحاسوب، فساعداني في تعلم البرمجة.

في وقت لاحق انتقلنا للعيش في الولايات المتحدة. وكالكثير من المهاجرين الذين تركوا كل شيء وراءهم، لم يكن لدينا المال وكان علينا أن نبدأ حياتنا من نقطة الصفر. وعندما كبرت، أدركت أن مهاراتي في علم الحاسوب تحظى بتقدير كبير. فتدرجت في سلم الرتب التنفيذية في شركة مايكروسفت، وكنت محظوظاً أيضاً لكوني من أوائل المستثمرين في العديد من العلامات التجارية ذات الصلة بالتكنولوجيا التي يعرفها الناس اليوم. وتتضمن أفضل الاستثمارات التي قمت بها في وقت مبكر الاستثمار في ’فيسبوك‘ و’أوبر‘ و’دروب بوكس‘ Dropbox و’إير بي إن بي‘ Airbnb.

مع ذلك، وبمجرد أن بلغت الأربعين من عمري، أدركت أنني قد جنيت ما يكفي من الأموال وأن فكرة الاستمرار في كسب المزيد منها لا تجعلني أكثر سعادة أو تشعرني بالرضا عن نفسي. فضلاً عن ذلك، لم أكن أنفق الأموال بالسرعة الكافية لاستنفاد ما قد جنيته. فقررت حينها أن ما أريد فعله حقاً هو التركيز بشكل أكبر على التأثير.

من هنا ولدت فكرة تأسيس مشروعي Code.org المكرس لتحقيق رؤيتي بأن الفرصة لابد أن تتاح لكل طالب وفي كل مدرسة لتعلم علوم الحاسوب.

Shutterstock 2036186204 2

يسعى هادي إلى منح جميع أطفال المدارس الفرصة لتعلم برمجة الحاسوب. الصورة: شاترستوك.

ما مدى أهمية الشراكة والتعاون بالنسبة لك ولمنظمة  Code.org؟ وكيف نجحت في القيام بذلك في منطقة الخليج؟

 ننقذ الكثير من أعمالنا من خلال الشراكات، وهو أمر بالغ الأهمية بالنسبة لنا للوصول إلى نطاق التأثير الذي نرغب به ضمن الميزانية والفريق الصغير للغاية الذي يدير منظمتنا. يبلغ عدد فريق عمل Code.org الآن نحو 100 شخص ويعمل بميزانية تبلغ نحو 25 مليون دولار. لكننا وصلنا إلى 70 مليون طالب ومليوني معلم، وقمنا بتغيير السياسات في جميع الولايات الأمريكية الخمسين، فضلاً عن 70 دولة أخرى حول العالم. ولم يكن ليتحقق ذلك لولا الشراكات التي عقدناها مع المنظمات غير الربحية والمنظمات الخيرية المحلية، ومع الحكومات.

 في منطقة الشرق الأوسط على سبيل المثال، عقدنا شراكة في الأردن مع مؤسسة الملكة رانيا ومبادرتها التعليمية ’إدراك‘ لترجمة دوراتنا التدريبية، وفي لبنان، عملنا مع البنك الدولي على أكاديمية منطقة بيروت الرقمية. وأثناء تواجدنا في الإمارات العربية المتحدة، عملنا مع مؤسسة دبي للمستقبل، وكذلك مع وزارتي التعليم الإماراتية والسعودية على مبادرات البرمجة.

"الأمر يتعلق بأن يكون لديك ذلك الاستعداد لرؤية ما لم يتم رؤيته من قبل ومن ثم العمل على تحقيقه".

بالنظر إلى كل ما أنجزته حتى الآن في كل من قطاع التكنولوجيا والعمل الخيري، برأيك ما السمات الشخصية أو التجارب الحياتية التي ساهمت في التزامك بالابتكار وتحقيق حلمك الكبير؟

أهم ما تعلمته حتى الآن في code.org هو أن الأحلام الكبيرة تجعل تحقيق إنجازات أكبر أكثر سهولة لأن المزيد من الأشخاص سيرغبون في مساعدتك. وكلما كان حلمك أكبر، يصبح من الأسهل إشراك الناس به. فإذا نظرنا إلى إيلون ماسك وحلمه بالسفر إلى المريخ، نجد أن الجميع يريده أن ينجح لأن ما يحلم به هو حلم البشرية جمعاء.

إذا قلنا أننا نريد تعليم 100,000 طالب على علوم الحاسوب، سنجد أن معظم الناس سيقولون "أحسنت إنها فكرة رائعة، عليك تنفيذها". لكن إذا قلنا أننا نريد تعليم كل طالب في كل مدرسة، فنحن بحاجة إلى إشراك الجميع في هذه المهمة.

تسهّل الأحلام الكبيرة إنجاز العمل. لقد فعلنا عكس النهج الذي يبدأ بالعمل على نطاق صغير ومن ثم النمو، وقد ساعدنا ذلك بطرق عدة. فهذا النهج لا يحفزنا نحن فقط بل يحفز جميع شركائنا أيضاً.

أعتقد أن حقيقة أنني مهاجر قد غذت روح ريادة الأعمال لدي، فهذه الرحلة تعني ترك كل شيء خلفك وبدأ حياة جديدة في بلد لا تعرف عنه أي شيء. فأنت تخاطر بمغادرة مكان ما ومن ثم تقفز بمحض إرادتك إلى المجهول.

وهذا يشبه ريادة الأعمال. لقد قمت بذلك بالفعل خلال مسيرتي المهنية في مجال التكنولوجيا، ولكنني أكرره أيضاً في عملي في منظمة Code.org، فالأمر يتعلق بأن يكون لديك ذلك الاستعداد لرؤية ما لم يتم رؤيته من قبل ومن ثم العمل على تحقيقه.

شارك هادي بجلسة حوارية بقيادة شارنا جولدسيكر من منظمة 21/64 غير الربحية التي تقدم خدماتها للجيل الجديد من روّاد العطاء والعائلات الخيرية المتعددة الأجيال ضمن فعالية خاصة بمنصة سيركل عقدت في مايو 2022. اضغط هنا لمعرفة المزيد عن العضوية في سيركل وكيفية حضور الفعاليات المشابهة التي تنظمها المنصة.