أهمية الملاحظات

Shutterstock 1043824537

ناتاشا ديستيررو دولبي هي رائدة عطاء ومستثمرة في التأثير الاجتماعي ومدافعة عن العدالة الاجتماعية وعضو مجلس إدارة ومجلس المناصرين لصندوق الحرية، المنظمة غير الربحية العالمية التي تتصدى للرق المعاصر. وفي عام 2016، شاركت ناتاشا في تأسيس مبادرة ’فريدوم فورورد‘ Freedom Forward غير ربحية التي يقع مقرها الولايات المتحدة وتقدم الدعم للشباب الذين يعانون من الاستغلال. تشغل ناتاشا حالياً منصب نائب الرئيس لصندوق عائلة راي وداغمار دولبي وعضو في مجلس إدارة ’أشا رايزينغ‘ Asha Rising ، وهي منظمة مجتمعية تلبي احتياجات المأوى والسلامة والكرامة والرعاية للنساء في الهند.

يقوم صندوق الحرية Freedom Fund، بصفته منظمة عالمية غير ربحية تعمل من أجل القضاء على الرق المعاصر، باختيار 140 منظمة تعمل بشكل مباشر في بعض أفقر المجتمعات وأكثرها تهميشاً في العالم والاستثمار بها والدخول في شراكات معها.

نحن نستثمر في أكثر الجهود فعالية على الخطوط الأمامية من أجل القضاء على الرق المعاصر في الدول والقطاعات التي يتفشى فيها. ومع التركيز على هذه ’البؤر الساخنة‘، يتم تصميم البرامج لتحويل السلطة والموارد إلى الشركاء على الخطوط الأمامية لضمان مشاركة الأشخاص المتأثرين بشكل مباشر في جميع المراحل، من تصميم البرنامج وحتى إعداد التقارير النهائية.

يركّز صندوق الحرية حالياً على ’البؤر الساخنة‘ في بنغلاديش والبرازيل وإثيوبيا وإندونيسيا وميانمار ونيبال وتايلاند، حيث نقدم الدعم للعمّال الزراعيين المستعبدين، والأطفال المتأثرين بالاستغلال الجنسي أو المعرضين لخطره، والعمال المهاجرين الذين يواجهون ظروفاً استغلالية في صناعة صيد الأسماك.

ومن بين المبادرات التي نتبناها مبادرة فريدوم رايزينغ‘ Freedom Rising التي تم إطلاقها مؤخراً للتركيز على النهوض بالقادة الناشئين، لا سيما أولئك الذين يتم استبعادهم تقليدياً من مناصب قيادية مثل النساء والناجين من العبودية.

ويتمثل الإيمان الراسخ لصندوق الحرية في ما يلي: السعي لإحداث أكبر قدر ممكن من التأثير بالأموال التي نستثمر بها؛ والسعي المتواصل للقيام بما هو أفضل؛ واستمداد الالهام من الأشخاص الذين يعملون على الخطوط الأمامية لمكافحة الرق. وفي إطار هذه المساعي نؤكد على أهمية التواصل المنفتح بين الجهات الممولة والجهات المتلقية للمنح.

وبالفعل، اجتذب نموذجنا الاستثمارات من العديد من المنظمات والشخصيات البارزة في قطاع العمل الخيري وثقتها والشراكات معها- لا سيما مجموعة ’ووك فري‘ Walk Free ومجموعة ’ليغاتوم‘ Legatum ومؤسسة ’هيومانيتي يونايتد‘ الخيرية Humanity United وماكينزي سكوت - بالإضافة إلى الجهات الفاعلة الحكومية مثل وزارة الخارجية الأمريكية والوكالة النرويجية للتعاون الإنمائي، ووزارة الداخلية البريطانية.

لكن بعد نحو عقد من جهودنا الدؤوبة التي أثرت على حياة أكثر من 1.4 مليون شخص في جميع أنحاء العالم، خطر لنا أننا ربما لا نعرف على وجه التحديد كيف ينظر شركاؤنا إلينا.

وعلى الرغم من أننا كثيراً ما نطرح عليهم الأسئلة حول ذلك خلال اجتماعاتنا وفعالياتنا التدريبية المنتظمة، إلا أن اختلال موازين القوى المتأصل بين الجهة المانحة والجهة المتلقية للمنح يحول دون حصول الممولين على ملاحظات وآراء صادقة بخصوص ذلك.

"إن اختلال موازين القوى المتأصل بين الجهة المانحة والجهة المتلقية للمنح يحول دون حصول الممولين على ملاحظات وآراء صادقة".

Shutterstock 766450453

يبذل صندوق الحرية الجهود للقضاء على العبودية في جميع أنحاء العالم. الصورة: شاترستوك.

للوصول إلى فهم أفضل بالفعل لتأثير عملنا مع الشركاء على مستوى القواعد الشعبية وتحسينه، استعان صندوق الحرية بشركة استشارية متخصصة في التماس الملاحظات والآراء الصريحة دون الكشف عن الهوية من الجهات المتلقية للمنح.

وبدعم من شركة ’كيستون‘ للمساءلة Keystone Accountability، التي كانت قد تعاونت من قبل مع منظمات من قبيل أوكسفام وإنقاذ الطفولة وشبكة أوميديار ولجنة الانقاذ الدولية، قمنا بدراسة استقصائية دون الكشف عن الهوية مع شركائنا في تايلاند وميانمار ونيبال وإثيوبيا. وقد أجرينا هذه الدراسة باللغات البورمية والإنجليزية والنيبالية والتايلاندية لالتماس آرائهم الصريحة حول العمل الذي نقوم به.

ولأن شركة ’كيستون‘ أجرت مثل هذا النوع من الدراسات الاستقصائية لسنوات عدة مع الآلاف من الشركاء المتنوعين، فقد استطاعت قياس نتائجنا ومقارنتها مع المتوسط العالمي، ما قدّم لنا معلومات مثيرة للاهتمام.

فقد كشفت نتائج الدراسة الاستقصائية أن تقييم الشركاء لصندوق الحرية جاء أعلى بكثير من المعيار العالمي في جميع الأسئلة تقريباً، حيث سجلت المنظمة درجات عالية في مجالات مثل المرونة والشفافية والمساءلة أمام الشركاء وتعزيز الممارسات المالية وممارسات الحماية وفهم السياق المحلي الذي يعمل فيه الشركاء.

كما حصلنا على درجات جيدة جداً تعكس أداء صندوق الحرية في "تحويل السلطة إلى الأشخاص المعرضين للاسترقاق" وفي "الحساسية تجاه القضايا التي تؤثر على الأقليات" (لا سيما في ذلك النوع الاجتماعي والعرق).

مع ذلك، أظهر الاستطلاع المجالات التي شعر شركاؤنا بأنها كانت أقل إيجابية. وغالباً ما كانت هذه المشاكل عامة كما يظهر في درجات المعايير العالمية، ويعاني منها الشركاء من المنظمات غير الحكومية الدولية في كل مكان.

وتشمل هذه المشاكل: مساعدة الشركاء على تنويع مصادر تمويلهم؛ وتعزيز القيادة والإدارة والمناصرة؛ وتحسين تواصل بشأن إجراءات العناية الواجبة التي نقوم بها. كما شعر بعض الشركاء أن مقدار الدعم لم يتناسب دائماً مع حجم احتياجاتهم، وينطبق ذلك بشكل خاص على الشركاء العاملين في سياقات تعاني من النزاعات مثل ميانمار.

وعلى الرغم من أن أغلبية الشركاء أفادوا بأن علاقتهم مع صندوق الحرية تقوم على مستويات عالية من المعاملة بالمثل، إلا أن بعضهم لم يكن لديهم الثقة الكافية لانتقاد وجهة نظر الصندوق في حال اختلفوا معها.

"فقط خلال التعلم والملاحظات النقدية كهذه التي حصلنا عليها يمكننا التأمل في الثغرات التي تشوب نهجنا والعمل على تحديدها ومعالجتها، وبالتالي تعظيم الأثر الذي نحققه في نهاية المطاف".

وبعد هذه التجربة، بدأنا في صندوق الحرية باتخاذ خطوات استباقية من خلال عقد المزيد من اجتماعات المائدة المستديرة لبحث التمويل ومبادرات تثقيف المانحين والسعي لمساعدة شركائنا على عرض آرائهم في محافل السياسات العالمية.

بالإضافة إلى ذلك، تلقى جميع شركائنا نسخة من التقرير الذي يتضمن النتائج، في حين نسعى لمواصلة إجراء هذه الدراسات الاستقصائية بانتظام. وعلى الرغم من صعوبة تلقي بعض الملاحظات الأقل إيجابية في بعض الأوقات، إلا أن هذه التجربة كانت بمثابة تذكير مهم جداً بالأهداف التي نسعى لتحقيقها والمجالات التي يجب أن نركّز عليها لتحسين ممارساتنا.

فقط خلال التعلم والملاحظات النقدية كهذه التي حصلنا عليها يمكننا التأمل في الثغرات التي تشوب نهجنا والعمل على تحديدها ومعالجتها، وبالتالي تعظيم الأثر الذي نحققه في نهاية المطاف.

نحن نشعر بالحماس حيال هذه المعرفة ونسعى لتناول مجالات التحسين بروح من الطموح والتواضع والإصرار على القيام بما هو أفضل.

وبينما نتأمل في نحو عقد كامل من العمل الدؤوب، نشعر بالفخر بما حققناه. وبالنسبة لمنظمة كمنظمتنا، التي تؤمن بتشاطر السلطة والشفافية والشراكات، فإن معرفة ما يفكر به شركاؤنا حول العمل معنا كان أحد أكثر المؤشرات فائدة بالنسبة لنا، ليس لتعريف نجاحاتنا فقط بل لتوضيح كيف حققناها كذلك.

إن هدف صندوق الحرية هو أن يكون الشريك المفضل، ليس فقط للجهات الممولة أو الداعمة بل أيضاً للمنظمات التي تعمل على الخطوط الأمامية والتي تمسك بالمفاتيح الحقيقية للتغيير الاجتماعي.